📁 آخر الأخبار

الأدب في غزة ما بعد السابع من أكتوبر: مظاهر الانهزام والمقاومة

شاب فلسطيني يجلس وسط أنقاض غزة بعد الحرب، تحيط به الكتب المبعثرة، وخلفه علم فلسطين يرفرف بين الدمار والدخان.


تُعتبر حرب 7 أكتوبر 2023 في غزة نقطة تحول كبرى في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي الفلسطيني. لم تؤثر الحرب فقط على حياة الناس اليومية، بل انعكست بقوة على الأدب الغزي، حيث وجد الكتّاب والشعراء أنفسهم أمام معركة جديدة: معركة الكلمة في مواجهة المجازر والدمار.
هذا المقال يستعرض مظاهر الانهزام ومظاهر المقاومة في الأدب الفلسطيني بعد الحرب، ويحلل دور الكلمة في توثيق المعاناة وصناعة الأمل.


أولًا: مظاهر الانهزام في الأدب الغزي بعد السابع من أكتوبر

1. الصمت أمام هول المأساة

بعد اندلاع الحرب، وجد بعض الأدباء أنفسهم عاجزين عن التعبير، وكأن اللغة خانتهم أمام مشاهد الإبادة الجماعية. يقول أحدهم: "ماذا تفعل كلماتك أمام الأشلاء والجوع والدمار؟"
هذا الصمت كان بالنسبة للبعض رفضًا للتصديق أو استيعابًا لصدمة الواقع.

2. الإبداع المخنوق

الشاعر سائد السويركي يصف التجربة بقوله: "الحرب تخنق الإبداع، تحتاج للابتعاد حتى تحوّل الألم إلى نص أدبي".
فالإبداع في زمن المجازر يختلف جذريًا عن الإبداع في أوقات السلم.

3. الشعور بتفاهة المواضيع الأخرى

في ظل الموت والدمار، يرى بعض الكتّاب أن أي موضوع بعيد عن الحرب يبدو تافهًا أو غير ذي قيمة، حتى لو لم يكن كذلك في الظروف الطبيعية.

4. الكتابة كملاذ للهروب

الشاعر جبر شعث يعتبر الكتابة وسيلة للهروب من الموت نحو الخيال، ليس استسلامًا بل حفاظًا على القدرة على الإبداع وسط الجحيم.


ثانيًا: مظاهر المقاومة في الأدب الغزي

1. التوثيق والشهادة

الكثير من الأدباء التزموا بتوثيق كل ما يجري، معتبرين أن دورهم الأساسي هو تسجيل التفاصيل الدقيقة للمجازر والحفاظ على الذاكرة الوطنية.
الكتابة هنا تتحول إلى أرشيف إنساني للأجيال القادمة.

2. الاستمرار في الإنتاج الأدبي

رغم الظروف، واصل بعض الشعراء إصدار مجموعاتهم الشعرية.
جبر شعث مثال بارز، إذ لم يتوقف عن مشروعه الشعري، إيمانًا بأن الكلمة طوق نجاة للذاكرة الفلسطينية.

3. المقاطعة الثقافية

أكثر من 1000 كاتب عالمي تعهدوا بمقاطعة المؤسسات الثقافية الإسرائيلية، في خطوة تؤكد أن المقاومة ليست بالسلاح فقط، بل أيضًا بالموقف الثقافي.

4. عولمة السردية الفلسطينية

بعد السابع من أكتوبر، تجاوز الأدب الفلسطيني حدوده الجغرافية، وأصبح صوتًا عالميًا يعرض المأساة الفلسطينية للرأي العام الدولي.

5. الأدب كسلاح لبناء الوطن

الشعر والرواية هنا ليسا مجرد فن، بل مشروع وطني للمقاومة، يوثّق التاريخ ويصنع الوعي ويحشد التضامن العربي والعالمي.


الخلاصة: الأدب كمرآة للصمود والجرح الفلسطيني

الأدب الغزي بعد حرب 7 أكتوبر 2023 يعكس صورة معقدة تجمع بين الألم والمقاومة.
فبينما لجأ بعض الأدباء إلى الصمت أو الابتعاد، أصر آخرون على جعل الكلمة سلاحًا في معركة الوعي والذاكرة.
وفي النهاية، يظل الأدب الفلسطيني شاهدًا حيًا على أن الروح لا تُهزم، وأن الإبداع قادر على الإضاءة حتى في أحلك اللحظات.

تعليقات